Wednesday, April 23, 2008


- إعلام المستقبل:-
- شهدت السنوات الأخيرة توسعا في مفهوم الإعلام البديل وتطورت طرق التعبير الشخصية والشعبية عن طريق استخدام تقنيات الانترنت المختلفة، وأعتبر الكثيرون ذلك التطور بمثابة قفزة حقيقية نحو تحقيق المزيد من التقدم في مجال الحريات والديمقراطية.
- أصبح الإعلام المتقدم الآن هو البديل للإعلام التقليدى ، والمقصود بالإعلام التقليدى الصحف المطبوعة والإذاعة والتليفزيون حيث كان الإعتماد على على الإذاعة والارتباط بحفلات أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ثم ظهر التليفزيون الذى قلل من دور الإذاعة ولكنه لم يقضى عليها ثم ظهرت القنوات الفضائية "الدش" وأيضا قلل من دور التليفزيون ، والآن نحن فى زمن الإنترنت الذى يعرض كل شئ وقت حدوثه وأخيرا ظهرت قناة BBC العربية وشعارها BBC إذاعة وتليفزيون وإنترنت وهى بهذا تقدم خدمة الإعلام البديل بشكل واضح، وهنا نبدأ عرض الإعلام البديل بالتفصيل؟
- الإعلام البديل ليس إعلاما مستحدثا، بل هو إعلام متطوّر في تجربة الشعوب والأمم ، ويتميزبمجموعة من الخصائص منها القدرة على التكيّف مع تطوّر وسائل الاتصال وتطوّر أدوات الرقابة والضغوطات الاجتماعيّة والسياسيّة، فالمتمعّن في الحياة اليوميّة للشعوب والجماعات يلاحظ تزامنه مع ظهور الإعلام الرسمي. وأيضا القدرة على التشكّل فكثيرا ما يظهر الإعلام البديل في الساحة الإعلاميّة في أشكال مختلفة وذلك حسب المرحلة التاريخيّة التي يمر بها المجتمع ونوعيّة الفاعلين الذين يستعملون الإعلام البديل.
- ويأتى هذا الإعلام البديل استجابة لجمود الإعلام السائد وتبعيته لجهات رسمية حيث ارتبط هذا الإعلام بالرقابة والأحادية وضعف الأداء وغير ذلك من المعوقات، وهناك آليتان مثيرتان وشائعتان تواكبان هذا الإعلام: الغربلة، وتحديد الأولويات، فالغربلة أو حراسة البوابة تشير إلى قدرة شخص أو قسم أو هيئة رقابية ما على منع أو إجازة أو تحرير ما يبث، أو ما يسمى أحياناً «مقص الرقيب» أما تحديد الأولويات فتعني قدرة الإعلام على جذب اهتمام الجماهير إلى قضايا أو شخصيات محددة، ودفع قضايا وشخصيات أخرى إلى الظل.
- فالإنفجار في عالم الاتصال والمعلومات فتح آفاقاً أكثر رحابة، وعمق وعي الناس موفراً لهم فرص الاختيار بين كم هائل من المصادر التي تثري عملية التنوع وتضعف الأحادية والتجانس. لكن الجماهير لا تكتفي في نشاطها المقاوم بالاختيار والمقاطعة وإنتاج التفسيرات الخاصة، بل تسعى أيضاً إلى إبداع أشكال من الاتصال وفتح نوافذ إعلامية تعبر من خلالها عن رأيها في ما يتعلق بالشأن العام، وهذا هو لإعلام البديل «alternative media».
- ويشمل الإعلام البديل أشكال الاتصال المستقلة والمدارة من ناشطين أو منظمات غير حكومية، كمحطات الإذاعة والمجلات والمواقع الإلكترونية والمدونات الشخصية، وتدخل رسائل وكاميرا الهاتف المحمول في هذا النطاق الرحب الذي يزداد ثراء وتنوعاً.
- وقد شهدت السنوات الأخيرة ميلاد مواقع ومجلات إلكترونية عالمية كرست رسالتها لنقد الإعلام المهيمن في الوقت الذي تقدم فيه وجهات النظر البديلة لاسيما تلك التي تتعلق بقضايا الحروب والمجاعات واضطهاد الأقليات والانتهاكات الإنسانية.
– وإذا كان كثير من قراء الصحافة الورقية يعانون من إيصال آرائهم إليها حتى إن ظهرت في قسم «البريد» أو «رسائل إلى المحرر» بعد «تحريرها»، فإن قنوات الإعلام البديل تمنحهم فرصة أوسع للمشاركة تتجاوز مجرد التعليقات إلى نشر المقالات والإسهام في صنع القرارات التحريرية بل قد يصبح الكاتب المهمش البعيد عن الأضواء رئيس تحرير، يكتب ما يشاء من دون حسيب ولا رقيب.
- ويتحدى الإعلام البديل منافسه السائد بتزويد قرائه بتفسيرات مختلفة للواقع، وبتسليط الضوء على الناس العاديين بدلاً من «النجوم» أو المشاهير أو «صناع الأخبار» ويغلب على مضامين هذا الإعلام تحليل الأحداث لا روايتها، ويسعى إلى تعبئة المواطنين وحشد الدعم للسياسات والمواقف المعارضة.
- كان الإعلام البديل موجوداً بأشكال مختلفة تتراوح من النكتة السياسية إلى المنشورات والمطويات والأشرطة المسموعة والمرئية واليوم يقفز الإعلام البديل خطوات هائلة فارضاً وجوده على عالم لا ينتهي من المعلومات.
- وعندما نتحدّث عن الانترنت وعن الثورة الاتصاليّة والمعلوماتيّة وعن كيفيّة استثمارها وتوظيفها من قبل مكوّنات المجتمع المدني، فإنّنا نتحدّث بالضرورة عن الصحف الالكترونيّة والتي لم تعد تنتظر الحصول على التأشيرة الحكوميّة ولم تعد الضغوطات والقيود القانونيّة عائقا أمام تحرّكاتها بل أصبحت اليوم تشكّل أهم مجال لتجاوز كل تلك الخطوط الحمراء المفروضة من قبل السلطة التي تتخذ من الرقابة ومن تضيق الخناق على الأقلام الحرّة آليتها لفرض شرعيتها ونزع الشرعيّة من كل من فكّر في تجاوز تلك العراقيل والصعوبات، ولكن بفضل هذه الصحف الالكترونيّة انقلبت المواقع والمفاهيم وأصبح الضحية هو الذي يقوم بمراقبة ومحاسبة من كان بالأمس القريب يراقبه ويحاكمه ويتتبع خطاه ونفس الشيء بالنسبة للمواقع الالكترونيّة والتي رغم الإمكانيات الضخمة المسخرة من أجل مراقبتها وحجبها إلاّ أنّ حسن استغلال وتوظيف أصحاب المواقع جعلها تصمد وتواصل نشاطها وتقوم بدورها.
- ومن بين التطوّرات الأخيرة في عالم الانترنت وعالم الإعلام البديل نجد المدوّنات Blog والتي هي عبارة عن مواقع الكترونية شخصية، يمكن توظيفها واستغلالها في كتابة المنشورات الكتابات الشخصيّة أو الصور التي يتم تسجيلها ووضعها في المدوّنة أو توظيفها في نشر الأخبار والأحداث الهامة التي يتابعها ويرصدها صاحب المدوّنة، ونظرا لنجاحها وقدرتها على التعبير عن مطالب وتطلّعات الفئات المهمّشة تشهد المدوّنات تزايد هائل في عددها وعدد مستعمليها، فمثلا مع الضغوطات التي تقوم بها السلطة الإيرانيّة وصل عدد المدوّنات بإيران إلى ما يقارب 250 ألف مدوّنة وفي مصر ما يقارب 30 ألف مدوّنة، كما تجاوز عدد زوّار وقرّاء بعض المدوّنات عدد قراء بعض الصحف الشعبيّة أمّا في تونس فلازال عدد مستعملي المدونات محتشما.
- وهناك على الأقل 3 أصناف لمستعملي الإعلام البديل:

1- الطبقات أو الفئات الشعبيّة المهمشة والفاقدة للزاد المعرفي أو التعليمي.
2- فئة النخب سواء أكانت منتمية للأحزاب السياسيّة أو لمنظمات المجتمع المدني أو كانت مجرّد شخصيات مستقلّة.
3- فئة النخب الشبابيّة المهمّشة أي أصحاب الشهادات وخرّجي الجامعات والفئات الشبابيّة داخل المجتمع المدني والتي عرفت شكلين من التهميش، تهميش السلطة لها وتهميش المجتمع المدني.
- وحاولت السلطة خلق إعلام بديل للإعلام البديل حتى تحافظ على موقعها، فمثلا بالنسبة للإشاعات أصبحت السلطة تنتج إشاعات ونكت مضادة لما يشاع داخل المجتمع وكثيرا ما تسخّر وسائل الإعلام الرسميّة لهذا الغرض ما حاولت بدورها توظيف الانترنت وخلق صحف ومواقع الكترونيّة لتقوم بوظيفة الرد على كل ما ينشر في الإعلام البديل، ولكنها رغم المجهودات التي تقوم بها لم تتحرّر من الطابع الدفاعي وظلّت حبيسة قوانين اللعبة التي فرضتها الفئات المهمّشة، وبالتالي حقّقت هذه الفئات أهمّ انتصار لها في هذا المجال، وقد لعبت بعض المنظمات الدوليّة والإقليميّة والوطنية دورا كبيرا في تحقيق هذا النجاح عبر الدورات التدريبية لضحايا حرية الرأي والتعبير وكيفية استعمال آخر التقنيات المستحدثة في عالم الانترنت ومن هذه المنظمات نذكر منظمة الصف الأمامي Front Line ومنظمة الصف الأوّل Front First والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.

No comments: